تصعيد المقاومة الفلسطينية: عمليات نوعية ورسائل إلى السلطة الفلسطينية
صوت العرب 24 – رام الله
تشهد الأراضي الفلسطينية تصعيدًا لافتًا في عمليات المقاومة، حيث تستهدف الفصائل الفلسطينية قوات الاحتلال الإسرائيلي بشكل شبه يومي، مع رسائل واضحة للسلطة الفلسطينية ودعوات لتوحيد الجهود في مواجهة الاحتلال. أبرزت الأحداث الأخيرة تحولات نوعية في تكتيكات المقاومة وتوحيد صفوفها في مواجهة العدو، في ظل استمرار الضغط الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية.
عمليات مشتركة بين سرايا القدس وشهداء الأقصى
في خطوة تحمل دلالات كبيرة على وحدة الصف المقاوم، أعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، بالتعاون مع كتائب شهداء الأقصى، الذراع العسكرية لحركة فتح، مسؤوليتهما عن قصف مقر القيادة والسيطرة الإسرائيلي في محور نتساريم. العملية، التي وثقت بالصور، أظهرت مستوى عاليًا من التنسيق بين الفصيلين، ما يعكس رغبة في تجاوز الخلافات السياسية والعمل المشترك لمواجهة الاحتلال.
تخطيط محكم وتنفيذ دقيق تضمنت الصور التي نشرتها سرايا القدس وكتائب شهداء الأقصى مشاهد من مراحل التخطيط للعملية، حيث أجريت في غرفة مغلقة زُينت بصور رموز فلسطينية، مثل مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين والرئيس الراحل ياسر عرفات.
أظهرت الصور استهداف الآليات الإسرائيلية على مرحلتين، إحداهما في الصباح والأخرى في المساء، مما يعكس تكتيكات عسكرية متطورة تراعي عنصر المفاجأة والتوقيت.
إسقاط طائرة استخبارية إسرائيلية
أعلنت سرايا القدس أنها، بالتعاون مع كتائب شهداء الأقصى، أسقطت طائرة استطلاع من طراز “كواد كابتر” أثناء عملية في شمال المنطقة الوسطى. ويشير هذا الإنجاز إلى قدرة المقاومة على التصدي للتكنولوجيا الإسرائيلية المتقدمة.
رسائل موجهة للسلطة الفلسطينية
تزامنًا مع تنفيذ العملية، وجه أحد مقاتلي سرايا القدس رسالة تدعو كافة الفصائل الفلسطينية إلى توحيد الجهود ضد الاحتلال. وأكد أن المقاومة ترفض أن تستفرد إسرائيل بأي فصيل فلسطيني، مشيرًا إلى أن مقاتلي حركة فتح يشاركون في القتال جنبًا إلى جنب مع بقية الفصائل.
من جهته، طالب أحد مقاتلي كتائب شهداء الأقصى أجهزة الأمن الفلسطينية بإعادة النظر في سياساتها، واصفًا ما تقوم به في الضفة الغربية بـ”الانتحار السياسي”. وأكد حرص الكتائب على الحفاظ على المشروع الوطني الفلسطيني في وجه محاولات الاحتلال لتقويضه.
تصعيد يومي في قطاع غزة
شهدت الأيام الأخيرة تصعيدًا لافتًا في العمليات العسكرية ضد الاحتلال الإسرائيلي. وأعلنت سرايا القدس أنها قصفت مقر القيادة والسيطرة الإسرائيلي غرب محور نتساريم بصواريخ من طراز 107، في حين أكدت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، تنفيذ سلسلة عمليات نوعية.
عمليات نوعية لكتائب القسام
استهدفت كتائب القسام قوة راجلة لجيش الاحتلال في مخيم جباليا بعبوة شديدة الانفجار، ما أسفر عن مقتل وجرح عدد من الجنود. كما استهدفت قوة هندسية إسرائيلية بقذيفة “تي بي جي” خلال محاولتها نسف منازل غرب المخيم.
عمليات القنص والطعن
تعتبر عمليات القنص والطعن إحدى الأدوات التي تستخدمها المقاومة الفلسطينية لإلحاق الخسائر بصفوف الاحتلال. وأكدت كتائب القسام مسؤوليتها عن قنص ضابط إسرائيلي برتبة رائد في منطقة نتساريم، بالإضافة إلى تنفيذ سلسلة عمليات قنص وطعن في الأيام الأخيرة.
أبرز العمليات شملت كمينًا محكمًا لقوة من لواء “كفير” النخبوي، حيث أوقعت القسام ثلاثة قتلى وعددًا من الجرحى. وأشارت إلى أن تفاصيل إضافية عن العملية سيتم الكشف عنها لاحقًا لأسباب أمنية.
الدلالات السياسية والعسكرية
تشير التطورات الأخيرة إلى تحولات هامة في ساحة المواجهة بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال:
1. تنسيق الفصائل المقاومة: العمليات المشتركة بين سرايا القدس وكتائب شهداء الأقصى تعكس تحسنًا في مستوى التنسيق بين الفصائل، ما قد يشكل رادعًا أكبر للاحتلال.
2. استخدام تكتيكات متطورة: العمليات الأخيرة، التي شملت استخدام العبوات الناسفة والصواريخ والقنص، تظهر تطورًا في القدرات العسكرية للمقاومة.
3. رسائل موجهة للداخل الفلسطيني: دعوات الفصائل إلى توحيد الجهود تأتي في ظل استمرار الانقسام السياسي بين غزة والضفة الغربية، وهي محاولة لتوجيه البوصلة نحو مواجهة الاحتلال.
4. تصعيد نوعي: استهداف مواقع حساسة، مثل مقر القيادة والسيطرة في نتساريم، يعكس رغبة المقاومة في رفع تكلفة الاحتلال لوجوده العسكري في قطاع غزة.
ردود الفعل الإسرائيلية
على الجانب الإسرائيلي، أثارت العمليات الأخيرة قلقًا متزايدًا، خاصة مع التصعيد اليومي في قطاع غزة. واعترفت مصادر عسكرية إسرائيلية، وفقًا لإذاعة الجيش الإسرائيلي، بمقتل ضابط برتبة رائد في منطقة نتساريم، بالإضافة إلى وقوع خسائر أخرى في صفوف الجنود.
تواجه إسرائيل تحديات كبيرة في مواجهة تكتيكات المقاومة المتنوعة، ما يضعها أمام معضلة إعادة تقييم استراتيجيتها العسكرية في غزة.
السيناريوهات المستقبلية
مع استمرار العمليات اليومية وتصاعد التنسيق بين الفصائل الفلسطينية، قد تشهد الفترة المقبلة مزيدًا من التصعيد. وتبقى مسألة توحيد الصف الفلسطيني عاملاً حاسمًا في تحقيق إنجازات أكبر على الأرض، في ظل محاولات الاحتلال لزرع الفتنة وإضعاف المقاومة.
ختامًا، تثبت المقاومة الفلسطينية مرة أخرى قدرتها على الصمود والتكيف مع المتغيرات، مع التأكيد على ضرورة تعزيز الوحدة الوطنية كركيزة أساسية في مواجهة الاحتلال.