زيارة قيس سعيد إلى بن قردان: استعراض أمني أم حل للمشاكل الحقيقية؟
صوت العرب 24 – حياة النوري / تونس
شهدت مدينة بن قردان يوم أمس زيارة رئيس الجمهورية قيس سعيد، التي رافقها استنفار أمني مكثف من مختلف الوحدات الأمنية والعسكرية. وعلى الرغم من أن الزيارة كانت تحمل رمزية خاصة، فإن مشهد المواكب الكبيرة والإجراءات الأمنية المشددة أثار تساؤلات حول أولويات الدولة وفاعلية مثل هذه الزيارات في معالجة القضايا الحقيقية التي تواجه المنطقة.
استعراض أمني غير مبرر؟
منذ الصباح الباكر، احتلت قوات الأمن والجيش شوارع بن قردان، بما في ذلك وحدات أمنية بزي مدني. مشهد الموكب الرئاسي، الذي تضمن عددًا كبيرًا من السيارات الأمنية والعسكرية، بدا أشبه بعرض للقوة أكثر منه زيارة تستهدف التواصل مع المواطنين أو إيجاد حلول عملية.
وجود عناصر الأمن بالزي المدني، التي رافقت الموكب بشكل مكثف، يطرح تساؤلات عن الرسائل التي أرادت الدولة إيصالها من خلال هذا الانتشار الكبير. هل كان الهدف تعزيز الشعور بالأمان لدى المواطنين؟ أم أن الأمر يعكس قلقًا مفرطًا من أي تهديد محتمل؟
على الرغم من أهمية الأمن في المناطق الحدودية مثل بن قردان، فإن مثل هذه الزيارات لا تبدو قادرة على تقديم حلول ملموسة للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها المنطقة. المدينة، التي تعيش على وقع تحديات مثل البطالة والتهريب وغياب الاستثمارات، كانت تنتظر مبادرات عملية بدلًا من الاستعراض الأمني المكثف.
التعزيزات الأمنية الكبيرة التي رافقت الزيارة تثير تساؤلات حول تكلفة مثل هذه العمليات ومدى جدواها. هل من المنطقي تخصيص كل هذه الموارد والجهود الأمنية لزيارة تستغرق بضع ساعات؟ وهل تعكس هذه الإجراءات نوعًا من الانفصال عن الواقع الذي يعيشه المواطن في بن قردان؟
بدلًا من طمأنة المواطنين، قد تكون هذه الزيارة أرسلت رسائل عكسية. مشهد المواكب الأمنية الكبيرة قد يعزز الانطباع بأن الدولة ترى المدينة كنقطة تهديد أمني أكثر من كونها منطقة تحتاج إلى دعم تنموي واستثماري.
زيارة قيس سعيد إلى بن قردان بدت وكأنها فرصة ضائعة للتواصل الحقيقي مع أهالي المنطقة والتعامل مع مشاكلهم المباشرة. في وقت تحتاج فيه بن قردان إلى قرارات جريئة وخطط تنموية، انحصر التركيز على استعراض أمني مكثف لا يعالج جوهر التحديات. ما تحتاجه بن قردان ليس مجرد مواكب واستعراضات، بل خطوات عملية تنقل المنطقة من مرحلة الإهمال إلى مرحلة البناء والتنمية.