شدى الحاج مبارك.. أيقونة الصحافة التونسية التي تتعرض لأبشع أصناف التعذيب والتعسف في سجون قيس سعيد
صوت العرب 24 – تونس
تُعد تونس، على الرغم من مسارها الديمقراطي الذي شهدته بعد ثورة 2011، واحدة من البلدان التي لا تزال تواجه تحديات كبيرة في مجال حرية الصحافة. ورغم أن البلاد حققت إنجازات في هذا الصدد، إلا أن الوضع الراهن يشهد تصاعدًا في الانتهاكات بحق الصحفيين. شذى الحاج مبارك، الصحفية التونسية الشهيرة، هي مثال حي على المعاناة التي يتعرض لها الصحفيون في تونس جراء ممارستهم مهنتهم بكل نزاهة واحترافية، بعيدًا عن أي تدخل سياسي أو تضييق.
الاعتقال التعسفي: بداية معاناة شذى الحاج مبارك
شذى الحاج مبارك، الصحفية والمقدمة التلفزيونية، كانت قد تم اعتقالها في ظل ظروف غامضة، وتعرضت لاعتقال تعسفي بناءً على مواقفها الصحفية. اعتقالها لم يكن بسبب ارتكاب أي جريمة حقيقية، بل بسبب مواقفها الصحفية وكتاباتها التي تنتقد بعض السياسات أو تكشف عن تجاوزات السلطة. هذا الاعتقال لم يكن حادثًا معزولًا، بل يمثل جزءًا من مسلسل طويل من استهداف الصحفيين في تونس الذين يتم اعتقالهم أو ملاحقتهم قضائيًا بسبب مهامهم المهنية.
مثل كثير من الصحفيين في تونس، يتم استهداف شذى الحاج مبارك ليس فقط باعتقالها، بل من خلال عمليات قمع ممنهجة تستهدم إسكات الأصوات المعارضة. إن حرية الصحافة في تونس تواجه تهديدات متزايدة، حيث تسعى السلطات أحيانًا إلى تهديد الصحفيين من خلال الاعتقالات أو الملاحقات القضائية.
الإضراب عن الطعام: صرخة ضد القمع
تجسد حالة شذى الحاج مبارك أيضًا القسوة التي تعرض لها العديد من الصحفيين التونسيين. فبعد اعتقالها، تم حرمانها من العلاج والرعاية الصحية اللازمة لها بسبب الظروف القاسية في السجن. لم تجد شذى من سبيل للتعبير عن احتجاجها على هذه المعاملة سوى من خلال الدخول في إضراب عن الطعام. كانت هذه الخطوة رسالة واضحة من شذى للمجتمع التونسي والدولي، لشد الانتباه إلى الأوضاع اللاإنسانية التي تتعرض لها في السجن، وللتأكيد على حجم الظلم الذي يطال الصحفيين بسبب ممارستهم لمهنتهم.
إضراب شذى الحاج مبارك عن الطعام كان بمثابة صرخة بوجه القمع، محاولة منها للفت الأنظار إلى الممارسات القمعية المستمرة ضد الصحفيين في تونس. وعلى الرغم من أنها حاولت لفت انتباه السلطات إلى وضعها الصحي والإنساني، فإن هذه المطالب لم تلقَ استجابة، مما ضاعف معاناتها.
الظروف القاسية في السجون التونسية
يعد استمرار معاملة الصحفيين بهذه الطريقة في السجون التونسية مؤشرًا على حجم القمع الذي يعاني منه الصحفيون في البلاد. تشير تقارير حقوق الإنسان إلى أن هناك تزايدًا في الانتهاكات بحق الصحفيين التونسيين الذين يتم استهدافهم لمجرد القيام بدورهم كمراقبين مستقلين للسلطة. على الرغم من أن تونس تعتبر واحدة من البلدان العربية التي شهدت تحولات ديمقراطية هامة، إلا أن القمع السياسي لا يزال موجودًا، ويمارس تأثيرًا سلبيًا على حرية الصحافة وحقوق الإنسان بشكل عام.
في حالة شذى الحاج مبارك، فإن الوضع يعكس سوء المعاملة التي تعرضت لها داخل السجن، من حيث الحرمان من الرعاية الصحية والضغط النفسي المتواصل. تعكس هذه المعاملة صورة قاتمة عن واقع حرية الصحافة في تونس، حيث يكافح الصحفيون من أجل ممارسة مهنتهم بحرية وبدون تهديدات أو مضايقات.
الملاحقات القضائية ضد الصحفيين: ظاهرة متزايدة
شذى الحاج مبارك ليست الوحيدة التي تعرضت للاعتقال والتضييق في تونس بسبب مواقفها الصحفية. فهناك العديد من الصحفيين الذين تم ملاحقتهم قضائيًا بسبب تعبيرهم عن آرائهم أو تغطيتهم للأحداث السياسية والاجتماعية. هذه الملاحقات القضائية لا تستند إلى أي أسس قانونية صحيحة، بل تهدف إلى منع الصحفيين من ممارسة دورهم الرقابي.
من أبرز الأمثلة على هذه الملاحقات ضد الصحفيين هو توجيه التهم لهم مثل “التآمر على أمن الدولة” أو “التحريض على العنف”، وهي تهم فضفاضة يمكن استخدامها ضد أي صحفي يعارض السلطة أو يسلط الضوء على قضايا فساد أو تجاوزات. في العديد من الحالات، يتعرض الصحفيون للاعتقال التعسفي، مما يهدد مستقبل الصحافة الحرة في البلاد.
الرد الدولي على انتهاكات حقوق الصحفيين
في ظل تزايد الاعتقالات التعسفية وظروف السجون القاسية، يواجه المجتمع الدولي تحديًا في الضغط على الحكومة التونسية من أجل حماية حقوق الصحفيين وضمان حريتهم في ممارسة مهنتهم دون تهديدات أو ضغوط. رغم أن تونس تمتاز بتاريخ من حرية الصحافة مقارنة مع بعض جيرانها في المنطقة، إلا أن هذا لا يعني أن الطريق أصبح مفروشًا بالورود. ومع تصاعد القمع، يجب أن يتكاتف المجتمع الدولي للتأكيد على ضرورة احترام حقوق الإنسان في تونس.
المنظمات الدولية مثل “منظمة العفو الدولية” و”هيومن رايتس ووتش” تتابع عن كثب وضع الصحافة في تونس، وتدعو إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد أي انتهاك لحقوق الصحفيين. هذه الضغوط الدولية يجب أن تتضافر مع احتجاجات داخلية قوية من قبل النقابات الصحفية والجمعيات المدنية للضغط على الحكومة التونسية للحد من هذه الانتهاكات.
خاتمة: ضرورة التحرك من أجل حماية الصحفيين
إن معاناة شذى الحاج مبارك تمثل نموذجًا للملاحقات القضائية والتضييق على الصحفيين في تونس. وكما يظهر من خلال تجربتها، فإن الوضع بالنسبة للصحفيين في تونس يزداد صعوبة. هذه الظروف القاسية تهدد الصحافة الحرة في البلاد، ما يتطلب تحركًا حاسمًا من قبل السلطات ومنظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي من أجل ضمان حقوق الصحفيين وحمايتهم من التعرض لأي نوع من القمع أو الظلم. وبغض النظر عن الظروف التي قد يمر بها الصحفيون في تونس، يجب أن تبقى حرية التعبير والقدرة على انتقاد السلطة جزءًا لا يتجزأ من أي ديمقراطية حقيقية.