دونالد ترامب يحرم الرئيس الروسي بوتين من حضور حفل تنصيبه

صوت العرب  24 – ابراهيم زوركان 

في خطوة أثارت الكثير من التساؤلات، أكد الكرملين في ديسمبر 2024 أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يتلقَ دعوة رسمية لحضور حفل تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في يناير 2025. ورغم أن الحدث كان سيشهد حضور العديد من الشخصيات الأجنبية البارزة، إلا أن عدم دعوة بوتين يبرز مرة أخرى طبيعة العلاقات الدبلوماسية المعقدة والمتوترة بين روسيا والولايات المتحدة، على الرغم من التصريحات المتفائلة التي أطلقها ترامب في حملته الانتخابية بشأن تحسين هذه العلاقات.

 

تصعيد التوترات بين روسيا والولايات المتحدة

على الرغم من تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في حملته الانتخابية التي أبدت رغبة في تقليل التوترات مع روسيا، فإن العلاقات بين البلدين لم تشهد تحسنًا كبيرًا في الفترة التي تلت فوز ترامب في الانتخابات. وفي هذا السياق، كان تصريح الكرملين بعدم تلقي بوتين دعوة لحضور حفل التنصيب بمثابة تذكير بعدم الاستقرار الذي يميز العلاقات الروسية الأمريكية.

منذ تولي ترامب منصب الرئيس المنتخب، كانت هناك إشارات متباينة بشأن العلاقة المستقبلية بين الولايات المتحدة وروسيا. فمن ناحية، أبدى ترامب استعدادًا لتحسين العلاقة مع موسكو، وأشار إلى رغبة في إعادة بناء قنوات الاتصال، إلا أن هذا لم يكن كافيًا لتغيير الوضع الراهن في العلاقات الثنائية، حيث لا تزال هناك ملفات حساسة ومثيرة للجدل بين البلدين، مثل الأزمات في أوكرانيا وسوريا، فضلاً عن التدخلات الروسية المزعومة في الانتخابات الأمريكية.

 

تصريحات ديمتري بيسكوف

في هذا السياق، كان ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هو من أعلن عن عدم دعوة الرئيس الروسي لحضور تنصيب ترامب. وفي تصريحات لوسائل الإعلام الروسية، أكد بيسكوف يوم الخميس أن “ترامب لم يرسل دعوة” لبوتين لحضور مراسم التنصيب في واشنطن في 20 يناير 2025، وهو ما يعكس عمق الهوة بين المواقف الروسية والأمريكية. وفي الوقت نفسه، أشار بيسكوف إلى أن روسيا لا تستبعد إمكانية حدوث تواصل بين الرئيسين قبل التنصيب، موضحًا أن “الكرملين يعتمد على تصريحات ترامب بشأن تحسين العلاقات، وإذا كانت هناك فرصة للحديث، فسيتم ذلك”.

هذا التصريح يعكس أيضًا أن موسكو تبدي حرصًا على فتح أبواب الحوار مع الإدارة الأمريكية الجديدة، على الرغم من أن الدعوة لحضور مراسم التنصيب كانت غائبة. في المقابل، فإن تصريحات بيسكوف بشأن التواصل المحتمل قبل التنصيب تؤكد أن موسكو لا تزال مستعدة للعمل مع واشنطن رغم الظروف الصعبة.

 

دعوة الصين وغياب روسيا

في ظل هذا السياق، أفادت مصادر إعلامية أمريكية بأن ترامب قد وجه دعوة إلى الرئيس الصيني شي جين بينغ لحضور حفل التنصيب. وقد جاء هذا الخبر من شبكة “CBS نيوز”، التي أكدت أن الدعوة وجهت لشي، إلا أنه لم يتم التأكد بعد من ما إذا كان الرئيس الصيني قد قبل الدعوة. في وقت لاحق، نفت بعض التقارير الإعلامية صحة هذه الأخبار، مشيرة إلى أنه لم يتم التحقق من صحة التقارير بشكل مستقل.

في المقابل، تجدر الإشارة إلى أن ترامب كان قد قرر دعوة بعض الشخصيات البارزة من دول أخرى، بما في ذلك رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، الذي يعتبر من بين أبرز القادة الأوروبيين الذين أظهروا دعمهم لترامب في مختلف الملفات السياسية. وهذا يشير إلى أن دعوات ترامب لحضور التنصيب لم تقتصر على الدول الغربية أو حلفاء الولايات المتحدة التقليديين، بل شملت أيضًا بعض الشخصيات المثيرة للجدل.

 

تأكيد على التوترات السياسية

إن عدم دعوة بوتين لحضور حفل تنصيب ترامب يبعث برسالة واضحة بشأن التوترات السياسية المستمرة بين موسكو وواشنطن. فعلى الرغم من أن ترامب كان قد أعلن في وقت سابق عن رغبته في إعادة ترتيب العلاقات مع روسيا، إلا أن العلاقات الثنائية تظل متشابكة ومعقدة بسبب قضايا عدة، أهمها التدخلات الروسية في السياسة الأمريكية، والأزمات في أوكرانيا وسوريا، بالإضافة إلى قضايا حقوق الإنسان التي طالما كانت موضوعًا حساسًا في العلاقات بين البلدين.

من جهة أخرى، إن دعوة بعض القادة الذين يتمتعون بعلاقات وثيقة مع روسيا، مثل الرئيس الصيني، قد تكون بمثابة محاولة لتوجيه رسالة إلى موسكو. الصين، التي تعد من أبرز القوى العالمية في الوقت الراهن، تمثل شريكًا مهمًا لروسيا في العديد من الملفات الدولية، وخاصة في مجال الأمن والطاقة. لذا فإن دعوة الرئيس الصيني قد تكون بمثابة إشارة إلى رغبة ترامب في تنمية العلاقات مع دول أخرى غير تقليدية، وهو ما قد يثير قلق روسيا بشأن مستقبل التعاون بين البلدين.

 

ردود فعل موسكو

على الرغم من تصريحات بيسكوف بشأن عدم تلقي بوتين دعوة، فإن موسكو أبدت ردود فعل هادئة تجاه هذا الأمر. في الواقع، قد يكون الكرملين قد توقع هذا التطور في العلاقات مع واشنطن، خاصة في ظل التوترات المستمرة بين البلدين. ومن المرجح أن يتم توجيه رسائل دبلوماسية إلى واشنطن بشأن هذه القضية، مع التأكيد على أن روسيا لا تعتبر دعوة بوتين إلى حفل التنصيب أمرًا ضروريًا في ظل الوضع الراهن.

هذا ويعكس غياب الدعوة لحضور مراسم التنصيب التحديات التي تواجهها العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة، على الرغم من التصريحات المتفائلة التي أطلقها الرئيس المنتخب. إن تأكيد روسيا على أهمية تحسين العلاقات والتواصل المباشر بين البلدين يشير إلى رغبة موسكو في تخفيف التوترات، لكن الأمور لا تزال معقدة بسبب الملفات الشائكة بين الطرفين.

 

قراءات في الموضوع

يعتبر عدم دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لحضور حفل تنصيب دونالد ترامب في يناير 2025 مؤشراً على استمرار التوترات في العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة، رغم التصريحات المتفائلة التي أبداها ترامب بشأن تحسين هذه العلاقات. وعلى الرغم من أن موسكو لا تزال منفتحة على الحوار والتواصل مع واشنطن، إلا أن الواقع السياسي يعكس تحديات كبيرة أمام تحسين العلاقات بين البلدين في المستقبل القريب.

كما أن هذا القرار يعكس أيضًا التوجهات السياسية المعقدة التي ستشكل السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية الجديدة. سيكون من المثير للاهتمام متابعة كيفية تطور هذه العلاقات في ظل التحديات المستمرة في الملفات الدولية الكبرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى