تغيير سياسات الهجرة في إدارة ترامب الجديدة: ما الذي ينتظر المهاجرين؟
مع اقتراب تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة للمرة الثانية في 20 يناير 2025، بدأت تظهر ملامح السياسة الجديدة التي ستتبعها إدارته في العديد من القضايا الحساسة، وعلى رأسها سياسة الهجرة. من أبرز الخطوات المتوقعة هي إلغاء السياسة التي تقيد عمل دائرة الهجرة والجمارك (ICE) من توقيف المهاجرين غير الموثقين في الأماكن الحساسة مثل المدارس، أماكن العبادة، المستشفيات، وحتى أثناء الجنازات والأعراس والمظاهرات العامة. وفقًا للمصادر، من المتوقع أن يتم تنفيذ هذا التغيير اعتبارًا من اليوم الأول لعودة ترامب إلى السلطة، مما يطرح تساؤلات عن تأثير هذه السياسة على المجتمع الأمريكي، خصوصًا في ظل الوضع الاجتماعي والسياسي المعقد الذي تعيشه البلاد.
السياسة الحالية: قيود على اعتقالات المهاجرين في الأماكن الحساسة
تم تقديم السياسة التي تحد من توقيف المهاجرين في الأماكن الحساسة في عام 2011، عندما أصدر مدير ICE آنذاك، جون مورتون، مذكرة تقيّد عملاء دائرة الهجرة والجمارك من إجراء الاعتقالات في مواقع مثل المدارس وأماكن العبادة والمستشفيات، إلا في حال وجود تهديدات أمنية أو خطر فوري على الأرواح. كانت هذه السياسة تهدف إلى توفير بعض الأمان للمهاجرين في الأماكن التي يعتبرها الكثيرون ملاذات آمنة، مثل المدارس التي يرتادها أطفال المهاجرين، وأماكن العبادة التي تعد ملجأ للمجتمعات المهمشة. وكان من الضروري حصول العملاء على موافقة مسبقة من المشرفين قبل تنفيذ أي اعتقال في هذه المواقع.
خلال إدارة ترامب الأولى، كانت هذه السياسة سارية، ثم استمرت أيضًا خلال فترة إدارة الرئيس الحالي جو بايدن. وقد تم انتقاد هذه السياسة من قبل العديد من مؤيدي ترامب الذين رأوا فيها قيدًا على سلطات تنفيذ قوانين الهجرة.
حملة الترحيل الجماعي: أبرز ملامح السياسة الجديدة
بمجرد توليه منصب الرئيس في يناير المقبل، يعتزم ترامب تنفيذ أكبر حملة ترحيل جماعي في تاريخ الولايات المتحدة. ومن المتوقع أن تشمل هذه الحملة العديد من الإجراءات الصارمة ضد المهاجرين غير الشرعيين. أبرز هذه السياسات هو إنهاء تطبيق “CBP One” الذي يُعتبر أداة رئيسية لتسهيل الإجراءات الإدارية للمهاجرين غير الشرعيين، بالإضافة إلى إحياء “برنامج ابق في المكسيك”، الذي يفرض على المهاجرين الانتظار في المكسيك أثناء النظر في طلبات لجوئهم في الولايات المتحدة. ومن خلال هذه الإجراءات، يسعى ترامب إلى تعزيز سياسته في مجال الهجرة وتضييق الخناق على المهاجرين الذين يعتبرهم تهديدًا للأمن القومي والاقتصاد الأمريكي.
السياسة الجديدة: إلغاء القيود على الاعتقالات في الأماكن الحساسة
إحدى أبرز التغييرات التي تعتزم الإدارة القادمة تطبيقها هي إلغاء السياسة التي تقيد اعتقالات ICE في الأماكن الحساسة. وفقًا للخطط المتداولة، ستتمكن دائرة الهجرة والجمارك من توقيف المهاجرين في المدارس، أماكن العبادة، المستشفيات، وفي مناسبات مثل الجنازات والأعراس والمظاهرات العامة، دون الحاجة إلى الحصول على موافقة مسبقة من المشرفين. هذه الخطوة تشكل تحولًا كبيرًا في سياسة الهجرة التي كانت قائمة على حماية حقوق الأفراد في أماكن يعتقد بأنها توفر الحماية.
إلغاء هذه القيود يأتي في إطار مشروع “2025” الذي يعكس الأجندة المتشددة للسياسات المناهضة للهجرة. هذا المشروع الذي تم توزيعه من قبل “مؤسسة التراث” يعتبر أن التقيد بهذه القيود يعوق تطبيق قوانين الهجرة بفعالية. بالنسبة لإدارة ترامب، فإن هذه السياسات الصارمة تهدف إلى تنفيذ حملة ترحيل جماعي تشمل جميع المناطق دون استثناء، مما يعكس استراتيجية أكثر تشددًا تجاه الهجرة غير الشرعية.
تأثير هذه السياسات على المجتمع الأمريكي
إلغاء القيود على اعتقالات المهاجرين في الأماكن الحساسة سيترك تأثيرًا كبيرًا على العديد من الجوانب في المجتمع الأمريكي. أولاً، سيؤثر بشكل مباشر على حياة المهاجرين غير الموثقين الذين يعيشون في الولايات المتحدة. هؤلاء الأفراد قد يجدون أنفسهم في وضع أكثر هشاشة، حيث أن أماكن مثل المدارس وأماكن العبادة ستكون عرضة للاعتقالات، وهو ما يشكل تهديدًا كبيرًا لهم.
من جهة أخرى، تلعب الكنائس في الولايات المتحدة دورًا كبيرًا في دعم المهاجرين، حيث توفر هذه الأماكن الموارد والمساعدات الضرورية لهم. العديد من الكنائس تدير بنوكًا للطعام، وتوفر الملابس، كما أن بعضها يعتبر ملاذًا آمنًا للمهاجرين الذين يواجهون خطر الترحيل. ومع إلغاء هذه السياسة، سيواجه المهاجرون صعوبة أكبر في العثور على مكان آمن يقيهم من الاعتقالات.
موقف الكنائس والمجتمع المسيحي
تواجه هذه السياسات الجديدة تحديات من بعض الأوساط المسيحية في الولايات المتحدة، حيث يرى البعض أن السياسات المتشددة ضد المهاجرين تتعارض مع القيم الإنسانية التي يؤمن بها العديد من المسيحيين. بن مارش، أحد القادة الدينيين في ولاية نورث كارولينا، أكد أن بعض المعلومات المغلوطة تروج عن المهاجرين، مثل الاعتقاد بأن المهاجرين يأخذون موارد كبيرة من الدولة مما يؤثر سلبًا على المواطنين الأمريكيين. وقال مارش: “المعلومات المغلوطة تأتي من أولئك الذين يعتقدون أنه لا يوجد ما يكفي من المال لمساعدة الأمريكيين لأننا ننفق الكثير على المهاجرين”. هذه التصريحات تعكس الجدل القائم بين أولئك الذين يعتقدون أن المهاجرين يشكلون عبئًا على الدولة، وبين أولئك الذين يرون فيهم أناسًا بحاجة إلى الدعم والمساعدة.
الاستعدادات لعودة ترامب إلى السلطة
بينما يقترب موعد تولي ترامب منصبه، يتوقع أن تستمر المناقشات حول السياسات الجديدة. إذ أن بعض الولايات، مثل كاليفورنيا ونيويورك، تواصل مقاومة سياسات ترامب بشأن الهجرة، وتعمل على توفير الحماية للمهاجرين غير الموثقين من خلال سن قوانين محلية تضمن لهم الحقوق الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية.
إلا أن معركة الهجرة ستكون جزءًا من أولويات إدارة ترامب، ومع وصوله إلى السلطة، سيواجه تحديات في تحقيق هذه السياسات المتشددة، خاصة في ظل وجود معارضة شديدة من بعض الأوساط السياسية والقانونية.
استنتاجات
في الختام، تعكس خطط إدارة ترامب في مجال الهجرة تحولًا كبيرًا في سياسات الولايات المتحدة تجاه المهاجرين غير الموثقين. إلغاء القيود على اعتقالات دائرة الهجرة والجمارك في الأماكن الحساسة يعد جزءًا من حملة أوسع لمكافحة الهجرة غير الشرعية، وهو ما سيشكل تحديًا كبيرًا للمهاجرين في الولايات المتحدة. في المقابل، ستستمر الكنائس والجماعات الدينية في دورها في دعم المهاجرين، مما يعكس التوتر بين القيم الإنسانية وسياسات الهجرة المتشددة.